مرثية الوداع الاخير

مرثية الوداع الاخير

.. صقيع بلدتنا يصفع المارين فى شارعنا الذى ارتدى الثلوج .. رأيتها من بعيد
خلعت قبعتى .. ولكن نظارتى السوداء كانت تخبئ دموعى .. لم استطع خلعها
اشعر بها ... انها قادمة نحوى ..احقا عادت . ولماذا .. اهى حقيقه ام انه الهزيان
انتابتنى رعشه .. مرت أمامى .. نظرت .. ثم .............
التفت متصنعة انشغالها بالنظر امامها وكأنها لم ترى شئ

وكأنها لم ترى شخصا كان حلمها لأعوام .. لم استطع النظر فى وجهها .. ولكن
احسست انها لازالت حزينه .. لقد سببت لها جرحا غائرا لن يلتئم مهما طال العمر
أغرورقت عينى بالدموع وانا اتعقبها .. فقط على اثر دموعها .. كنت واثقا من هذا .. وهذا ما كان يمزقنى
كنت اتمنى لو إبتلعتنى الارض .. او اختطفتنى وحوش الاساطير .. او احتضنتنى كهوف الجبال
كنت اتمنى ان اموت قبل ان اعيش تلك اللحظه .. حاولت ان اوقفها .. لكن نظرتها الحزينه أغلقت الباب امام محاولاتى
عند نهاية شارعنا وعند المنعطف .. وقفت وكأنها تريد ان تعود .. رمقتنى بنظرات حائره .. صعقتنى صرخات عيناها
ثم اعتدلت ومضت .. ابتلعتها دهاليز الحارة المجاوره .. حيث تسكن .. صرخت كالمجنون .. لم اعر من حولى اهتماما .. الجميع ينظرون لى .. يقولون من هذا المجنون .. لا يدرون بإن دمعة منى قد تغرقهم جميعا
احاول الصعود الى سلم منزلنا .. اشعر وكأننى اسير نحو قبرى .. تتثاقل خطواتى .. بينما لازال وجهها هو كل ما اراه .. الالم يجتاح كل بقعة فى جسدى .. اتعثر .. اسقط .. تظلم الدنيا .. لا ارى سوى السواد .. وجهها فقط هو المضئ .. اتمتم بكلمات بائسه .. عودى .. ارجوكى .. لست انا .. اقسم انه ليس خطأى .. ارجوكى .. عودى فقط كى تعود لى الحياه .. او اقتلينى فلم يعد هناك شكل للحياه .. اتسمعيننى .. يا .... ح .. ب .. ي .. ب .. ت .. ى

ما هذا .. من هؤلاء .. اين انا .. لابد انه الهزيان يعاودنى .. سحقا للعمر .. وماذا تبقى منك ايها العمر
اوقاتا حقيره .. ممزوجه بلأسى .. والحزن .. بالمراره .. وما هى الحياه .. فراغ ممتلئ بقراصنه العشق .. تركوا لى كل شئ ولكن الشئ الوحيد الذى سرقوه منى .. الحياه .. لم يبقى لى منهم سوى جرحا غائر .. يلتهم لحظاتى .. يقتل الامل .. لم اعد احفظ من الكلمات سوى ( عودى .. ارجوكى ) لم اعد ارتدى من ملابسى سوى هذا القميص البالى الذى شهد وداعنا .. سأبقى وفيا لها .. سأعتزل العالم .. فقط من اجلها .. وسيبكى الكون .. متوسلا ان تعود .. وانا اعلم انها .. لن تعود .. هكذا اخبرتنى عيناها .. فأنا اعلم جيد لغة العيون .. لازلت محتفظا بتلك الورقه .. التى كتبت لى بها .. أ ........ ح ......... ب ........ ك
يكفى بإنه هناك لحظات كانت تعشقنى بها .. سأموت .. ستموت .. ولكن سيبقى حبى لها .. فالحب الصادق
ابدا لا يموت ... اعود الى مدفأتى المشتعله .. الى حجرتى المظلمه .. الى وسادتى .. الى نافذتى .. ورقه و قلم
هؤلاء هم اصدقائى .. اعيش لهم واموت من اجلهم

( مدفأتى ).. كانت تجلس هنا بالقرب منها .. وتمد يديها لها حتى يصيران دافئين .. ثم تعانقنى .. حتى تلامسنى يديها الدفيئتان .. اشعر وكأن الكون يحتضننى .. كأننى اولد من جديد
( حجرتى المظلمه ) كان هنا .. تنظفها .. وكم اخبرتنى بإن تلك الحجره ستشغل حيزا كبيرا فى ذاكرتى .. وقد كان
( وسادتى ) كانت كثيرا ما تتقاذفنى بها .. ثم نتعب .. كانت تجمعنا تلك الوساده . لازالت تلك الرسومات التى كانت تعبث بها مرسومه على تلك الوساده
( نافذتى ) كثيرا ما وقفنا امام النافذه .. رأينا القمر .. والسحب .. داعبنا قطرات المطر .. خاطبنا النجوم ..
من خلال تلك النافذه
( ورقه و قلم ) هما كل ما يربطنى الان بالماضى ويسافر بى الى تلك اللحظات .. هى سلاحى فى الحياه
وعليها
كتبت لكم
مرثية الوداع الاخير

كتبها ...
اخوكم
امير الانتقام

» لحظة الوداع